ثقافة
مستقبل التشريعات الاقتصادية بين تسارع التكنولوجيا وثبات القانون

الشارقة، 14 نوفمبر، 2025،
ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لـ معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، نظّمت دائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة جلسة حوارية بعنوان «مستقبل التشريعات الاقتصادية ومواكبة التطور التكنولوجي»، شارك فيها سعادة الدكتور عيسى بن حنظل، رئيس الدائرة القانونية في إمارة الشارقة، وسعادة محمد علي جابر الحمادي المحامي وعضو المجلس الاستشاري ورئيس اللجنة التشريعية، وسعادة المستشار الدكتور مدثر عبد الله مستشار دائرة التنمية الاقتصادية، وأدارها الدكتور عبد السلام الحمادي.
تناولت الجلسة ثلاثة محاور رئيسة هي: دور التشريعات الاقتصادية في دعم التحول التكنولوجي، والتحديات القانونية للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، وآليات الانتقال من تشريعات تواكب الواقع إلى منظومة استباقية تصنع المستقبل.
تشريعات متوازنة واستباقية
في مستهل الحوار، أكد الدكتور عيسى بن حنظل أن المنهج التشريعي في الشارقة يقوم على تحقيق تنمية متوازنة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأخلاقية، موضحاً أن الإمارة قد توقف بعض الأنشطة الاقتصادية رغم مردودها المالي إذا تسببت في أضرار بيئية جسيمة. وأضاف أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا يُقاس بعائدها الاقتصادي فقط، بل بأثرها الأسري والمجتمعي، مشيراً إلى أن التشريعات في الشارقة «استباقية تتعلّم من التجارب قبل وقوعها محلياً».
وحول تسريع إصدار القوانين، أوضح أن «التسريع ضرورة تنموية لا إجرائية»، مشدداً على أهمية اختصار زمن التنسيق دون الإخلال بجودة النصوص القانونية، مؤكداً أن «التسريع شيء، والتسرّع شيء آخر».
التحول الرقمي والعدالة الإلكترونية
من جانبه، تناول سعادة محمد علي الحمادي التحولات الرقمية في منظومة العدالة، مشيراً إلى أن «التقاضي الإلكتروني حوّل العدالة من مكانٍ نذهب إليه إلى خدمةٍ تصل إلينا»، وأن تعديلات القوانين المدنية والجزائية والإثبات والمعاملات الإلكترونية «منحت المستند الرقمي قوة الدليل».
وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب حماية البيانات وضمان سريتها، مؤكداً أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت تختصر زمن إعداد المذكرات القانونية من أيام إلى ساعات، شريطة أن تظل المراجعة البشرية أساس الموثوقية. واستعرض تطور التشريعات الاقتصادية التي سمحت بتأسيس «شركة الشخص الواحد» والتملك الأجنبي الكامل في قطاعات متعددة، مشيراً إلى أهمية «مختبر التشريعات التجريبية» كآلية لاحتضان الابتكار قبل تقنينه رسمياً.
الذكاء الاصطناعي ومسؤولية الشركات
وفي مداخلته، تطرّق الدكتور مدثر عبد الله إلى تطورات المسؤولية القانونية في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، موضحاً أن القضاء اتجه أخيراً إلى تحميل الشركاء تبعات الأفعال الجسيمة إذا ثبت علمهم بها أو مشاركتهم فيها، حمايةً للمتعاملين ومنعاً لسوء الاستغلال.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يطرح تساؤلات جديدة حول المسؤولية القانونية في حال اتخاذ قرارات مصرفية أو تجارية دون تدخل بشري، متسائلاً: «هل تقع المسؤولية على المشغّل أم المبرمج أم الجهة المالكة للنظام؟».
كما شدد على أهمية الشفافية وحماية البيانات باعتبارها «الوقود الحقيقي لأنظمة الذكاء الاصطناعي»، داعياً إلى مراجعات حوكَمية دورية ونشر الوعي القانوني بين الشركات والمستهلكين.
واختتم حديثه بالإشارة إلى الشركات العائلية بوصفها ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، موضحاً أن التشريعات الحديثة أتاحت لكل إمارة تنظيم هذا القطاع وفق خصوصيتها، وأن تسوية منازعاته في الشارقة تمر عبر مركز الشارقة للتحكيم التجاري الدولي حفاظاً على السرية واستدامة الأعمال عبر الأجيال.





