ثقافة
“مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة” يناقش مستقبل الصناعة في الشرق الأوسط وأفريقيا

الشارقة، 3 مايو 2025
ناقش عدد من مؤسسي استوديوهات الرسوم المتحركة وصُنّاع المحتوى في الشرق الأوسط وأفريقيا التحديات المؤسسية والإنتاجية التي تواجه قطاع الرسوم المتحركة في المنطقة، مؤكدين أهمية تطوير بنى تحتية مستدامة تدعم استمرارية الإنتاج المحلي، وتعزّز من حضور الأصوات الإبداعية في الأسواق العالمية، وذلك خلال جلسة حوارية بعنوان “الرسوم المتحركة في الشرق الأوسط وأفريقيا: الفرص والتحديات”، ضمن فعاليات الدورة الثالثة من “مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة 2025”.
شارك في الجلسة كل من زُمروت باكوي، مديرة البرمجة والعروض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى “وارنر براذرز ديسكفري”، وعبدالعزيز عثمان، الرئيس التنفيذي لاستوديو “زيز أنيميشن” في السعودية، وطارق علي، مؤسس استوديو “زَنَد” في مصر، وريموند مالينغا، الرئيس التنفيذي لاستوديو “كريتشرز” في أوغندا، وداميلولا سوليسي، المديرة التنفيذية والإبداعية لاستوديو “سميدز” في نيجيريا، وأدارت الجلسة مونيا آرام، المتخصصة في التعاون الثقافي والإعلامي.
تحديات التوزيع والتمويل مقابل التنوع والمحتوى المحلي
افتتحت زُمروت باكوي النقاش بإضاءة على دور المؤسسات الإعلامية العالمية في احتضان محتوى محلي يعكس التنوع الثقافي واللغوي، مشيرة إلى أن قنوات مثل “كرتون نتورك” و”كرتونيتو” تضع الجودة السردية والمضمون التربوي كأولوية في برمجتها. ولفتت إلى أن التوسع في البث الرقمي يضاعف من مسؤولية صنّاع المحتوى تجاه الأطفال، مؤكدة أن التمثيل الثقافي الأصيل لا ينبغي أن يُستبدل بإرضاء الأسواق العالمية على حساب الهوية.
عبدالعزيز عثمان: لا يمكن لاستوديوهات فردية أن تنهض بالقطاع وحدها
وتحدث عبدالعزيز عثمان عن الحاجة إلى منظومة إنتاج متكاملة تتضمن آليات دعم مالي وتنظيمي مستقر، مشيراً إلى أن صناعة الرسوم المتحركة تتسم بطول دورة حياتها مقارنة بالصناعات الإبداعية الأخرى، ما يتطلب نماذج تمويل مستدامة تشمل المنح والشراكات المؤسسية. واستعرض تجربة استوديو “زيز أنيميشن” في السعودية، الذي انتقل من مشاريع تمويل ذاتي إلى إنتاج سلسلة “نايرات” الحائزة جوائز إقليمية.
مصر: صناعة تمتلك الإرث وتحتاج إلى التجديد
من جانبه، دعا طارق علي إلى استثمار الإرث السينمائي المصري في تطوير صناعة الرسوم المتحركة، مؤكداً أن الإنتاج المحلي قادر على تقديم أعمال أصيلة تمتد من الشاشة إلى المنصات الرقمية إذا توفرت الثقة بالنفس والتشريعات الداعمة للملكية الفكرية. وأشار إلى أن استوديو “زَنَد” يسعى لتقديم محتوى يدمج بين الموروث الشعبي والإبداع البصري الحديث.
منصة أوغندية نحو العالمية
شارك ريموند مالينغا تجربته في تأسيس استوديو “كريتشرز” في أوغندا، الذي استطاع بموارد محدودة دخول السوق العالمية عبر شراكات استراتيجية، أبرزها التعاون مع منصة “ديزني+” لإنتاج فيلم “Herderboy” ضمن سلسلة “Kizazi Moto”. وأكد أن تمثيل الشخصيات المحلية بلغاتها ولهجاتها يسهم في بناء الثقة لدى الأطفال ويدعم بناء صناعة حقيقية في بيئة ما تزال في طور التأسيس.
الواقع النيجيري: تحديات الاستدامة في ظل بيئة شابة
سلّطت داملولا سوليسي الضوء على التحديات البنيوية في سوق الرسوم المتحركة في نيجيريا، خصوصاً في ما يتعلق بضعف التمويل، لكنها شددت على أن الطاقات الشابة تمثل قاعدة صلبة للنهوض بالقطاع، حيث يبلغ عدد سكان نيجيريا أكثر من 200 مليون نسمة، غالبيتهم تحت سن الخامسة والثلاثين. ودعت إلى دعم المواهب من خلال بيئات تعليمية وتشريعية تتيح لهم الوصول إلى أدوات الإنتاج والتمويل.
توصيات: حماية حقوق المبدعين وتطوير محتوى أصيل
خرجت الجلسة بتوصيات أبرزها ضرورة سنّ قوانين تحمي الملكية الفكرية في مشاريع الرسوم المتحركة، وتطوير منصات إقليمية تسهم في توزيع المحتوى المحلي دون الاضطرار إلى التنازل عن الخصوصية الثقافية. كما شدد المشاركون على أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة يمكن أن تساهم في تسريع الإنتاج، لكنها لا يمكن أن تحل مكان الرؤية الإبداعية التي يصنعها الإنسان.