AlMadar Magazine

مقيمة تستعيد حياتها بعد 10 سنوات من الألم بفضل جراحة نادرة ومعقّدة في العمود الفقري في دبي

دبي، 11 ديسمبر 2025: بعد معاناة من آلام شديدة ومُنهكة في الرقبة استمرت عشر سنوات، وجدت نيشا دينيس، المقيمة الهندية البالغة من العمر 48 عاماً من أبوظبي، طريقها إلى التعافي بفضل جراحة دقيقة ونادرة لإعادة ترميم العمود الفقري في مستشفى ميدكير الشارقة. وقد نفذ هذا الإجراء الدكتور بوبي خوسيه، أخصائي جراحة المخ والأعصاب في المستشفى، حيث تمكّن من تخفيف الضغط الشديد على الحبل الشوكي الناتج عن نمو زائد للعظام وتراكم الأنسجة الندبية. وسلّطت هذه الجراحة الدقيقة الضوء على مكانة دولة الإمارات المتنامية كمركز رائد للرعاية المتقدّمة والمتعددة التخصصات في جراحات العمود الفقري.

وعانت السيدة نيشا لأكثر من عشر سنوات من آلام شديدة في الرقبة امتدت إلى ذراعها اليسرى وأعلى الظهر. ورغم خضوعها لجلسات علاج طبيعي مكثّفة وتلقّيها العديد من العلاجات الطبية، استمرت حالتها في التدهور تدريجياً، حتى بلغت ذروتها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، حيث أصبحت الآلام غير محتملة ولم تعد تستجيب لأي نوع من الأدوية. وكانت السيدة نيشا قد خضعت في السابق لجراحة أُزيل فيها قرص تالف، وتم خلالها دمج فقرتين في منتصف الرقبة تُعرفان باسم C5 و C6. لكن الفحوصات الحديثة أظهرت نمواً عظمياً غير طبيعي، إلى جانب تكوّن أنسجة ندبية حول منطقتي C5–6 وC6–7، ما تسبب في ضغط خطير على الحبل الشوكي والأعصاب، وخلق احتمالاً حقيقياً للإصابة بالشلل. ومع التراجع الكبير في قدرتها على الحركة وتزايد اضطرابات النوم، قررت السيدة نيشا اللجوء إلى الرعاية التخصصية في مستشفى ميدكير الشارقة. وتعليقاً على ما عانته من ألم جسدي ونفسي عميق، قالت: “كان كل يوم بمثابة معركة. أصبح المشي، والنوم، وحتى أبسط المهام اليومية مستحيلة. شعرت بالعجز الكامل والاكتئاب”.

وعن تعقيدات الحالة من الناحية الطبية، قال الدكتور بوبي: “عندما حضرت إليّ المريضة للمرة الأولى، كانت تعاني من آلام شديدة وممتدة رغم خضوعها لجميع العلاجات التحفظية الممكنة”، واصفاً حالتها بأنها “نادرة للغاية ومعقّدة على نحو استثنائي، نظراً للتحديات الكبيرة المرتبطة بإجراء جراحة تصحيحية في العمود الفقري بعد مرور عشر سنوات على عملية دمج الفقرات الأولى”. واضطر الدكتور بوبي وفريقه الطبي إلى إزالة الزرعات المعدنية القديمة، وتنفيذ حفر جراحي دقيق بالقرب من سطح الحبل الشوكي، واستئصال جزء من العظم التالف، ومن ثم زرع قفص تمدّدي خاص لدعم العمود الفقري، بما يسمح للعظم بالنمو حوله لتحقيق الثبات ومنع احتمال حدوث شلل. وعلّق الدكتور بوبي قائلاً: “كانت هذه الحالة شديدة التعقيد والتفرّد بسبب تداخل عدة عوامل، أبرزها فشل الجراحة السابقة، والنمو العظمي غير الطبيعي، وتراكم الأنسجة الندبية. وقد تطلّب الإجراء درجة عالية جداً من المهارة والحذر في التنفيذ”.

استغرقت العملية حوالي خمس ساعات، وشارك فيها فريق طبي متكامل متعدد التخصصات، شمل أقسام جراحة الأعصاب، والتخدير، والأشعة، والفيزيولوجيا العصبية، والعلاج الطبيعي بعد الجراحة. وتمكّنت السيدة نيشا من الحركة بعد ست ساعات فقط من انتهاء الجراحة، وغادرت المستشفى بعد48  ساعة، وهي في حالة تحسّن ملحوظ.

وتعليقاً على نتائج العملية، قال الدكتور بوبي: “كان تعافيها مذهلاً بكل المقاييس. فقد تمكّنت من استئناف أنشطتها اليومية خلال أيام قليلة، وتبدو مؤشرات حالتها على المدى البعيد ممتازة.” وأضاف: “إن استخدام قفص دمج تمدّدي بدلاً من الترقيع التقليدي وفّر للمريضة ثباتاً أكبر، وهي اليوم نشطة بالكامل، ولا تشعر بالألم، وتتمتع بصحة جيدة جداً”.

وفي حديثها عن رحلة التعافي، قالت السيدة نيشا: “خلال الأيام الأولى فقط، شعرت بفارق كبير. فقد بدأ الألم الحاد الذي رافقني لسنوات طويلة يخفّ بشكل ملحوظ. بدأت أمشي بثقة، وشعرت أنني أستعيد قوتي يوماً بعد يوم. الرعاية التي تلقيتها أحدثت فرقاً حقيقياً في حياتي.” وأضافت: “ما مررت به يؤكد أنه حتى بعد فشل عملية جراحية سابقة وعشر سنوات من الألم الشديد، لا يزال بإمكان المرء استعادة حياته من جديد، شرط الحصول على الرعاية الطبية المناسبة”.

وتابعت قائلة: “أشعر اليوم وكأنني استعدت حياتي من جديد. أستطيع المشي براحة، والقيام بأعمال المنزل، وقضاء الوقت مع عائلتي، وحتى السفر لمسافات قصيرة دون خوف. على الصعيدين النفسي والاجتماعي، أشعر بأنني عدت إلى الحياة … إنها نعمة حقيقية”.

وأكد الدكتور بوبي أن “التقدّم في تقنيات المراقبة الطبية وتوافر الكفاءات المتخصصة يسهمان في جعل جراحات العمود الفقري المعقّدة أكثر أماناً بشكل متزايد في دولة الإمارات. ومع وجود الفريق المناسب والتكنولوجيا المتطورة، يمكن للمرضى تحقيق نتائج استثنائية”، داعياً المرضى إلى عدم فقدان الأمل في إمكانية التعافي واستعادة جودة حياتهم.

ومن جانبها، وجّهت السيدة نيشا رسالة لكل من يعاني من آلام مزمنة في العمود الفقري، قائلة: “رسالتي هي: لا تفقدوا الأمل. مع وجود الكفاءات الطبية المناسبة والرعاية الصحيحة، فإن الشفاء ممكن بالفعل. ثقوا بالمسار العلاجي، واتبعوا تعليمات أطبائكم، وتمسّكوا بالأمل والإيمان. أنا ممتنة من أعماق قلبي لهذه الفرصة الثانية لعيش حياة خالية من الألم.

واليوم، تواصل السيدة نيشا تعافيها بشكل متميز، حيث تتابع زياراتها الطبية الدورية، وتستمتع بعودتها إلى نمط حياتها الطبيعي.